لُهف» ألفا مليار سنتيم بسبب امتيازات ممنوحة بشكل غير شرعي.. الكلام خطير، وخاصة إذا أتى من شخص كميلود الشعبي الذي هو، في نفس الوقت، رئيس فيدرالية المنعشين العقاريين ورجل أعمال معروف مارس في قطاع العقار لحوالي خمسين سنة!
الرجل صرخ وقال إن أراضي الدولة توزع دون مناقصات وبأسعار تفضيلية، والخاسر طبعا هو خزينة الدولة، وفي الأول والأخير المواطن المسحوق.
تصوروا.. مبلغ كالذي ذكرناه.. كم يمكن أن يسد من ثقوب طالت جميع المناحي، بما في ذلك جيب المواطن.
في هذه القضية يتم الحديث عن تكوين لجنة تقص برلمانية للوقوف على الخروقات ورفعها إلى الرأي العام.. ولم لا السلطات القضائية.
لكن هل تذهب هذه اللجنة إلى آخر النفق؟
من الصعب الجزم بذلك..
فللمغاربة تجارب مريرة مع مثل تلك اللجن التي بقيت توصياتها دائما حبرا على ورق.
هل تذكرون لجنة التقصي في ملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث قدرت جهات الاختلالات بحوالي 15.000 مليار سنتيم (نعم 150 مليار درهم)، وهو ما يقارب ميزانية الدولة لسنة كاملة؟
هل تذكرون حماس اللجنة البرلمانية في عملها؟ فأين توصياتها؟ ماهي الخطوات التي اتخذتها العدالة؟ وماذا فعلت الحكومات المتعاقبة؟ لاشيء..!
تصوروا أنه أمام هول المبالغ المذكورة، لم تتم محاكمة ولا مسؤول واحد، مع أن أصل الاختلالات تم تداولها من طرف الإعلام.. وربما من أجل ذلك تتردد العدالة في وضع يدها في سلة.. مليئة بـ«الحْناش»!
في قضية القرض العقاري والسياحي، تم تحميل الرئيس مولاي زين الدين الزاهيدي مسؤولية كل «كوارث» تدبير الصندوق، وتم الاقتصار على متابعة بعض الموظفين دون أن تمس شعرة واحدة من أصحاب كل تلك الأسماء الوازنة التي وردت في تقرير لجنة التقصي.
هكذا، إذن، يستمر مبدأ اللاعقاب..
ويستمر استنزاف خيرات البلاد..
وتفقير العباد..
لقد صدمت عندما قال لي أحد الأصدقاء المقربين من دوائر القرار إنه على الإعلام المغربي ألا يلامس الخطوط الحمراء «المعلومة» وأن يركز انتقاداته على «مافيات الفساد المتغلغلة في السلطات الترابية والأداء الحكومي»!
منطق غريب..
لقد قلنا مرارا إن الحكومة هي «الحَيْط القْصير» وإنه من الجبن توجيه سهام النقد إليها وهي لا تمتلك أي سلطات على قطاعات واسعة من الاقتصاد في البلاد.
أفضل الحديث عن فساد بعض أفراد السلطات الترابية.. فأنا لا ألومها لأن سياسة اللاعقاب التي تنهجها الدولة هي التي تشجعها على المضي في الفساد والشطط.. وبما أن سلطات الوصاية ورؤساءها المباشرين لا يطالبون بالحساب، فالنتيجة هي ما نراه من كل أنواع التسيب والفوضى التي تهدد كيان الدولة.. دون أن يدرك القائمون على هاته الأخيرة خطورة الوضع، وخطورة موقف المتفرج!
المغرب اليوم بحاجة إلى كثير من الحزم..
حزم في الاتجاه الصحيح.. أي من أجل القضاء على بؤر الفساد، من أجل وضع حد لاقتصاد الريع ونظام الامتيازات، من أجل الحفاظ على المال.
مع الأسف ما نلاحظه هو حزم في اتجاه الأقلام النزيهة والإعلام الحر الذي يخبر الرأي العام.. يريدون تكميم الأفواه عوض إصلاح الفساد. اللهم إن هذا منكر.