امرأة أحبت الضوء

" إمرأة أحبت الضوء "

الشهيدة.. سعيدة المنبهي
من تكون ؟

إنها أول إمرأة عربية استشهدت في إضراب عن الطعام

امرأة أحبت الضوء Photo

في إحدى الليالي الديسمبرية الباردة… في فجر يوم 11 دجنبر 1977،كانت سعيدة المنبهي المناضلة الصامدة ضد القهر الإنساني تلفظ أنفاسها الأخيرة و تكتب بدمها "سأموت مناضلة".استشهدت سعيدة عندما كانت تخوض نضالا إلى جانب رفيقاتها و رفاقها من أجل إنتزاع مطالبهم المشروعة،العادلة،كانت سعيدة وقتها تحترق من أجل كرامة الإنسان و حقه في العيش الكريم.
قدمت حياتها ضريبة لقناعتها من اجل جلاء الظلم إلى الأبد.من اجل أن يسعد الأطفال و يعم الحمام الأبيض و غصن الزيتون ربوع وطننا…

حياة امرأة عظيمة و مناضلة:

ولدت سعيدة المنبهي بأحد الأحياء الشعبية،رياض الزيتون،بمدينة مراكش في شتنبر 1952، قضت طفولتها بنفس الحي و درست بمدرسة الشهداء،ثم تابعت دراستها بثانوية أبي العباس السبتي. كانت جد دينامية بالقطاع التلاميذي إلى أن حصلت على البكالوريا سنة 1971.

قضت هذه المرحلة في كنف عائلتها،تقول عنها والدتها:"لم أجد صعوبة في تربيتها كانت سعيدة متواضعة نشيطة تدرس باجتهاد،تطالع باستمرار تحب الأطفال الرعاة إطعامهم و كسائهم، و هم بدورهم كانوا يعترضون طريقها ليقدموا لها الورد".
و بعد حصولها على البكالوريا انتقلت إلى الرباط لتدرس بكلية الآداب،شعبة الانجليزية،حيث قضت بها سنتين و في هذه الفترة تشكل وعيها السياسي و النقابي و تم ارتباطها بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب كمناضلة و مسؤولة بتعاضدية كلية الآداب.
بعدها التحقت بالمركز التربوي الجهوي،شعبة الفرنسية، و عملت كأستاذة بإحدى الثانويات بدوار الحاجة بالرباط لمدة أربعة أشهر بثانوية الخوارزمي و خلال هذه المرحلة كانت تناضل في صفوف الاتحاد المغربي للشغل و تنتمي إلى الحركة الماركسية اللينينية (منظمة "إلى الأمام").

في هذه الأثناء كانت حملات القمع السوداء قد شملت عشرات المناضلين التقدميين بالبلاد.

و امتدت لتشمل المناضلة سعيدة حيث اعتقلت من منزلها يوم 16 يناير 1977 بعدما داهم زوار الليل المجهولون-المعروفون بيتها، كبلوا يديها، وضعوا عصابة على عينيها و ساقوها إلى إحدى المراكز السرية للاستنطاق و التعذيب بالدار البيضاء حيث تعرضت لجميع أصناف التعذيب الجسدي و النفسي.

تقول والدتها التي عانت الكثير أثناء الإعتقال و السجن و الإستشهاد:
"أنا أعرف جيدا أن ابنتي سعيدة كانت معتقلة كباقي رفاقها من أجل آرائها،و أعرف أنها كانت مؤمنة بقضايا شعبنا من اجل الغد الأفضل،لأن لها أفكارا تحررية، تعرضت للتعذيب الهمجي و لللامبالاة من طرف المسؤولين عندما كانت تقاوم المرض،و تستقبل الموت بشجاعة…".
في نهاية مارس من نفس السنة نقلت إلى السجن المدني بالبيضاء،بعدها حكمت بسبع سنوات سجنا،و في السجن كانت ظروف الإقامة جد قاسية،لا تتوفر على الشروط الدنيا للحياة و قاومت سعيدة رطوبة الزنازن و الإرهاب النفسي الممارس عليها، و في تلك الظروف العصيبة بقيت متشبثة بمبادئها و نضالها كامرأة ضد الأوضاع المتعفنة السائدة. و كان اختيارها المبدئي أن تحرر المرأة لا يمكن أن يتم إلا إذا اختارت النساء المشاركة في النضال التحرري العام و في عملية تغيير الأسس القائمة على الإستغلال و الإضطهاد و سلب انسانية الإنسان.

في المزار عبر لقاء الأحبة كانت سعيدة تلتقي بأمها بثقة و بمعنويات عالية رغم كل الحواجز المفروضة

"إنني هنا يا أمي من اجل العيش الكريم لشعبي،إن معنوياتي عالية باستمرار… إن المستقبل لضحايا الإضطهاد الطبقي و الإستبداد السياسي ، إنني لا أخاف القمع…إنني أومن بالكثير…بقضيتي،قضية كل الجماهير".

و في المعتقل القسري كتبت سعيدة مذكراتها إلى والديها ، و من رسالة إليهما نطقت ما يلي:

"أبواي الأعزاء:في الوقت الذي سأقضيه بعيدة عنكما أرجوكما ألا تتألما من أجلي،إن حياتي كما قلت لكما في رسالتي السابقة تستمر و تستمر، لا شئ يخيفني…إن شعوري نحوكما يزداد تأججا إلا أنني لاحظت لدى أمي الحبيبة في الزيارة شيئا من القلق، و أريد من جديد أن أتوجه إليها لكي تعيد ثقتها بي،و بالمستقبل المشرق،أمي يجب أن تثقي أن وجودي في السجن لا يعني بالضرورة حرماني من الحياة،إن حياتي لها عدة معان،إن السجن مدرسة و تكملة للتربية،لذا أريد منك، و كما عهدناك دائما أن تكوني شجاعة قادرة على مواجهة كل متاعب الحياة…".

و نظرا للأوضاع العامة المتدهورة التي كان يعاني منها المعتقلون السياسيون بالسجون المغربية.قرر المعتقلون بكل من سجن البيضاء و القنيطرة الدخول في إضراب لا محدود عن الطعام من اجل فرض شروط إنسانية دنيا للاعتقال، و للمطالبة بمجموعة من الحقوق العادلة من بينها قانون المعتقل السياسي و أيضا لفك الحصار عنهم، و في اليوم العاشر من شهر نونبر 1977 قررت ثلاث مناضلات و من بينهم سعيدة المنبهي الدخول في الإضراب اللامحدود عن الطعام بعدما بدأه المعتقلون بالسجن المركزي بالقنيطرة يوم 8 نونبر 1977.
و في صباح ذلك اليوم خرجت سعيدة و رفيقتيها إلى ساحة السجن يستنشقن آخر نفحات الهواء النقي و يغذين أجسامهن بأشعة الشمس. و في زوال نفس اليوم جاء المسؤولون عن السجن و أخرجوهن من الزنزانة-فتشوها- بعثروا الملابس و الكتب و الافرشة البالية و أخذوا بعض أمتعتهن،و اقفلوا باب الزنزانة المظلمة الباردة،تبادلت المناضلات نظرات معبرة و تعانقن عناقا حارا ملؤه التحدي ثم قمن بتهييئ فراش بما تبقى من الأغطية و أضفن ملابسهن الصوفية فوقها حتى يخففن من قساوة البرودة و قضين عشرة أيام على تلك الحالة دون أن يفتح الباب- و دون مقابلة أحد- و عن هذه المعاناة تقول والدة الشهيدة: " كنا نحن عائلات المعتقلين السياسيين نقوم بتحركات نضالية من اجل فك الحصار عنهم و تلبية مطالبهم العادلة،كان المسؤولون يطاردوننا من اجل إفراغ باب السجن، كنت كباقي العائلات أمنع من زيارة ابنتي سعيدة طيلة الإضراب…و قمنا وقتها باحتجاج إلا أن مصيرنا كان الإعتقال التعسفي، و الإهانات و التهديد بالإعتقال و التعذيب…".
و في اليوم التاسع عشر من شهر نونبر زارهن ممرض السجن،و قام بفحصهن فحصا عاديا،دقات القلب ، الضغط الدموي، و اكتشف أن حالة سعيدة الصحية في تدهور. و في المساء أحضر بعض المقويات التي رفضتها،و في اليوم التالي تم نقلهن إلى المستشفى.و بما أن تلك الأيام كانت عطلة عيد الأضحى فضلت إدارة السجن التملص من المسؤولية.
في المستشفى-المستنقع- عرفت الشهيدة معاناة شديدة…حيث تدهورت وضعيتها الصحية،آلام في المعدة، قئ متواصل،إغماءات… و بقيت على هذه الحالة حتى يوم الخميس 8 دجنبر حيث أصبحت في حالة شبه تامة من الغيبوبة… و نقلت إلى قاعة الإنعاش ، و هناك دخلت في صراع مرير مع الموت/الإستشهاد إلى فجر يوم الأحد 11 دجنبر حين استشهدت و كلها صمود و تحدي.

و تقول أمها الصامدة عن هذه المرحلة:
"كنت أحاول لقائها بالمستشفى طيلة وجودها هناك لكن دون جدوى رغم ذلك أصررت على لقائي بها… و استعطفت المسؤولين …إلى أن سمح لي بلقائها من شباك صغير…
أتذكر لقائها الأخير ليلة استشهادها…كانت آثار الإضراب واضحة على وجهها ،بادية على ملامحها و صحتها،لكن معنوياتها ظلت كما هي عالية…قالت لي سعيدة الزهرة التي تفتحت و أرادوا اقتلاعها.تشجعي يا أمي ،إنني لن أتنازل عن إيماني و قناعاتي لقد اتفقت مع رفاقي على حل الإضراب لأن وضعيتي الصحية لا تسمح لي بالاستمرار فيه. قبلت سعيدة يدي، وقلت لها سأحاول لقائك غدا صباحا".

و تستمر الأم العظيمة قائلة:
"عدت في الغد و معي ما هيأته لسعيدة من أكل و ملبس، لكن وجدت الخبر/الإستشهاد كانت لحظة عصيبة،عانياها وعاينتها…لقد اغتصبت ابنتي في حياتها و شبابها و نضالها".

أرادوا اقتلاعها… لكن للتاريخ و للإنسان نقول سعيدة المناضلة في جذور تربة وطنها نبتت و نمت… و ستستمر في ذاكرة الشرفاء قائمة باستمرار إلى الأبد .

jad thawmat كتب:: أرادوا اقتلاعها… لكن للتاريخ و للإنسان نقول سعيدة المناضلة في جذور تربة وطنها نبتت و نمت… و ستستمر في ذاكرة الشرفاء قائمة باستمرار إلى الأبد

أحييك أخي الكريم على مجهودك الجبار
وشكراً لك على هذا الموضوع الرائع حول الشهيدة سعيدة المنبهي
نحن دائما في انتظار جديدك

شكرا أخ jad thawmat 3ala hada almawdo3 aljamil daiman nahno fi intidari minka almazid

موضوع: rad الثلاثاء مايو 06, 2008 7:43 am

شكرا لكما أخي أزير أختي حنان86 على مروركم المشجع
تحياتي

مشكور اخي جاد ثاومات على الموظوع الرائع

الف شكر اخي على هذا الموضوع الرائع.والمجد والخلود لشهدائنا الابرار

بارك الله فيك أخ جاد

الروبيو _نوميديا _بسمة
شكرا على مروركم الطيب .
المجد و الخلود لشهداء الشعب المغربي
شهداء الحرية و الكرامة

سعيدة الشهيدة

في التاريخ خالدة

تحياتي على هدا الموضوع jad_thawmat

سعيدة ليست الوحيدةالتي استرخصت دمها من اجل الوطن و القضية

هنالك الكثيرات منهن زبيدة خليفة التي استشهدت بمدينة فاس دفاعا عن القضية الفلسطينية

كما احيي بالمناسبة عريسة الشهداء

سعيدة المنبهي

امرأة أحبت الضوء SAIDA

شهيدة الحركة الماركسية اللينينية
امرأة أحبت الضوء Hammar

قصيــــــــدة

لن نـسـتـسـلـــــــــــــم

ولـو تــحـــــت الأرض

سـنـرسـم طـريـقــــــــا

نـحـو الـشـمــــــــــــس

فـي قـلـبـنـا يـوجـــــــد

زروال

سعيدة المنبهي

موضوع: رد الثلاثاء مايو 06, 2008 5:11 pm

أحييك أخي أزول 480 على مرورك الطيب و على ردك الجميل